Wednesday, September 14, 2011

مزرعة الحيوان – رواية كل العصور بقلم أحمد سمير


مزرعة الحيوان – رواية كل العصور
جورج أورويل
                                       بقلم / أحمد سمير

ليست من المصادفة أن يبدع جورج أورويل في رواية تمجد من الحرية وتدين هيمنة شخص علي آخر... حيث عايش الإدارة الاستعمارية في بورما -إحدى مستعمرات الهند البريطانية سابقًا- التي  كان أساسها الهيمنة على الآخرين ... بجانب عيشته الطويلة بين الفقراء في لندن وباريس ... كما أن عمله كصحفي لسنوات طويلة أصقلت موهبته الدرامية ... كل هذه الأسباب - بالرغم من إيجازها- قادرة علي أن تخرج منه رواية مزرعة الحيوان. التي صنفت فيما بعد بكونها من أهم روايات الأدب الإنجليزي ... تميزت الرواية بكونها تحمل ملامح الديستوبيا ... وكان مناهضا لفكر ستالين الذي كان المؤسس الحقيقي للاتحاد السوفييتي ... وقد عُرف بقسوته، وهو مَن حوَّل الاتحاد من زراعي إلي صناعي. ونشرها في البداية تحت اسم: "مزرعة الحيوان ... رواية خيالية"، ولاحقا تحت مسمى: Union des républiques socialistes animals في تلاعب منه تجاه الاتحاد السوفييتي خوفًا من مصادره الرواية.

وفيما يلي سنستعرض أهم الشخصيات التي أبدع في رسمها أورويل:
مستر جونز:

صاحب المزرعة .. في بداية الرواية جسد لنا الكاتب صورته بدقة، فقد وصف درجة سكره لدرجه أنه نسي أقفال الأبواب على الدجاج ... ووصف جانبًا يظهر شخصيته برمي حذائه عند الباب الخلفي و شرب أخر جرعه بيرة موجودة بالمنزل.يقال انه كان مزارعا قديرا رغم قسوته..ولكنه وصل لتلك ألحاله المزرية من مواقف سوداء واجهته اثر فقدانه مبلغا كبيرا من المال و خسارة صحته بسبب كثره شرب الخمور. فنتج عن ذلك تدهور حاله المزرعة بكل جوانبها .. في إشارة واضحة يأخذنا أورويل بهذه الشخصية لنضعها في خانة ملك روسيا. أو الرئيس السابق محمد حسني مبارك.



الخنزير ميجور:
عمره الطويل أهله ليكون حكيم المزرعة .. له مكانته بين باقي الحيوانات .. حلم حلمًا قرر نقله لباقي الحيوانات لما يحمله من صورة المستقبل المشرق للحيوانات. وأمر بجمعهم وقد وافقوا بالتضحية من وقت نومهم لسماعه .. وهذا دليل علي مكانته بينهم. يحمل موعظة يريد نقلها لباقي الحيوانات. ذو بعد فلسفي في تفكيره .. وذو بعد ثوري في أقواله ... فتضمن خطابه النداء إلي الثورة وإن كان غير متأكد من توقيت حدوثها .. ولكنها ستشعل في يوم من الأيام. ومن ضمن أقواله أن عملنا شاق ولا نجني ما نستحقه .. لا نتمتع بحريتنا ولا يكمل أي حيوان منا عامه الأول حتى يذبح أو يقتل. وكان يقصد بالقاتل والسارق البشر.. فالبشر يسرقون مجهودكم.

ولخص مشاكلهم في عدو واحد مباشر وهو مستر جونز.. وأوضح أن الإنسان سيد الكائنات لأنه يقهرهم ويجبرهم علي العمل بإعطائهم الحد الأدنى لهم منعا للمجاعة فقط.. ويحتفظ بالباقي لنفسه.. يريد أن يعلم الحيوانات الديمقراطية .. فأول إجراء اتخذ هو التصويت علي أحقية الفئران بأن تكون معنا، يقصد الحيوانات. علي ما يبدو أن جورج أورويل استغله لطرح أفكاره الشخصية فيما يخص السياسات التي تتبعها الحكومات للسيطرة النفسية علي الثوار.. فكان ميجور يحذرهم ويشرح لهم دوافع قد تقال لهم لإطفاء الثورات كقوله إن بين الإنسان والحيوان مصالح مشتركة.. شخصية ماركس الأقرب لميجور؛ حيث إنه وضع الأسس وطالب بالتغير ولم يعاصره.. والأقرب لنا شهداء الثورة الذين قتلوا قبل رؤية التحول الديمقراطي والذين صعد علي أكتافهم المنتفعون حاليا.

كلوفر:

فرسة أم في منتصف عمرها.. يبدو أنها كانت تحافظ علي قوامها التي بدأت تفقده بعد ولادة مهرها الرابع.. حنونة بدليل مشيها المتمهل خوفا من أن تدهس أي حيوان صغير مختبئ بين القش.. كما أنها شكلت حاجزا لحماية البطات اليتامى أثناء اجتماع ميجور بساقيها الأماميتين. كانت هي وبوكسر من أكثر الحيوانات إخلاصا.. تمثل تلك الطبقة التي قد تعرف حقيقة الأمور في المجتمعات ولكن ليس بيدها ما تفعله.

بوكسر:
جواد ضخم قوي، إلا أن أورويل لخص قوته بقوة جوادين معا.. كان طويلا وممشوقا.. يبدو عليه الغباء بسبب الرقعة البيضاء علي أنفه .. لكن الحيوانات كانت تحترمه بسبب تفانيه في العمل .. كان يعمل بجد جنبا إلى جنب مع بنيامين في المزرعة. يمثل في الواقع الطبقة العاملة في المجتمعات..العمال والفلاحين.

مورييل:
عنزة بيضاء.. تعرف القراءة وإن كانت بصعوبة.. تساعد كلوفر علي اكتشاف التلاعب في الدستور.. تشترك مع بنيامين في كل خصائصه باستثناء التهكم.

بنيامين:
الحمار.. وأكبر الحيوانات سنًا وأكثرهم حمقا.. توجيهاته وتعليقاته تحتوي علي الكثير من التهكم.. كثير الضحك.. ويبرر ذلك بأنه لا يري شيئا يستحق الضحك..وكان مخلصَا لبوكسر، وإن لم يفصح عن ذلك بشكل واضح..يمكنه القراءة ولا يتباهى كثيرا بذلك كالخنازير. كان يعلم بفساد باقي الخنازير.. ولكنه لم يتكلم ويكتفي بالتهكم.. لذلك يمثل الشخصيات التهكمية السلبية في المجتمعات.

مولي:
مهرة بيضاء عرفت ببلهها.. تحب جذب الانتباه.. كثيرة اللعب بعرفها الأبيض لشد الأنظار للشرائط الحمراء المميزة لها... تبحث عن أكثر ألاماكن دفئا وأمانا لتعيش .. طفيلية .. بدليل استغلال الدفء الناتج من جسمي بوكسر وكلوفر لتجلس بينهما .. تتميز بأفقها المحدود .. فمع شرح ميزات وواجبات الثورة من قبل الخنازير .. تطل عليهم بأسئلة خاصة بأكل السكر وإمكانية وضع الشرائط الملونة علي حلقها. بشكل واضح تمثل البرجوازيين.

موسي:
غراب أسود. لم يحضر اجتماع ميجور .. يعمل علي نشر الإشاعات والأكاذيب .. بما أنه طائر جونز المدلل.. فكان جاسوسه. وكان يساعده في كسب ثقتهم لباقته في الحديث. حتى أنه أقنع بعضهم بجبل الحلوى (المعادل للجنة) خلف السحب يحتوي علي كل ما يشتهيه الحيوانات. ولكنه كان مكروها من بعض الحيوانات بسبب انه لا يعمل في المزرعة .. والبعض الآخر صدقه فيما يخص جبل الحلوى. من الواضح أنه يمثل رجال الدين المأجورين اللذين يلعبون علي عواطف الشعب باسم الدين .. يظهر ذلك من اسمه و من ردائه الذي يميز رجال الدين.

الكلاب (جيسي – بنشر - بلوبل):
يبدو أنهم يستخدمون الإرهاب في الوصول لأهدافهم .. ورموز للقوة والتعذيب .. ويؤيدون فكرة التفرقة العنصرية. حتى أنهم صوتوا ضد انضمام الفئران للحيوانية .. فأثناء اجتماع ميجور ومع رؤيتهم للفئران تخرج من جحورها .. اقتنصوهم بنظرة كانت كفيلة بهروب الفئران لجحورها خوفا علي أرواحها.

نابيلون:
من الخنازير الشباب. ومن أذكي الحيوانات .. لذلك ألقيت عليه وعلي سنوبول وسكولير مهمة
تعليم الحيوانات .. كان مملوءا باللحم .. حيث كان جونز يعدهم للبيع أو الذبح. لم يكن ماهرا في مهارات الحديث واللباقة .. ولكنه تميز باعتماده علي نفسه .. وقد يقصد القادة الذين يضعون أمجادهم الشخصية نصب أعينهم غير مهتمين بشعوبهم .. وقد يقصد بها حاليا الفصيل الذي يريد الانقضاض علي الثورة .. وتظهر أكثر إسقاطات وتصرفات نابليون السيئة حين يغدر بصديق الثورة سنوبول ويلفق له التهم لإبعاده من المزرعة.

سنوبول:
خنزير ... شارك نابليون في خصائصه. ولكنه أكثر حيوية من نابليون وأكثر لباقة. في حين أن شخصيته كانت أقل عمقا من نابليون. تميز بأنه كان أكثر الموجودين تمكننا من الكتابة .. تعلم هو والخنازير القراءة والكتابة من أحد الكتب الخاصة بأولاد جونز .. لذلك هو من كتب الدستور الحيواني علي باب المزرعة  ومن غير اسم المزرعة من مزرعة القصر إلي  مزرعة الحيوان.

سكويلر:
خنزير صغير .. الأكثر شهرة من بين الخنازير .. حركاته رشيقة ومتحدث ممتاز .. له أسلوبه الخاص في فرض وجه نظره وإن اضطر لاستخدام ذيله كأداة جذب وجمال .. حتى أن باقي الحيوانات كانت تردد إمكانية أن يحوِّل سكويلر الأسود إلي الأبيض .. كان مؤسسًا للحيوانية .. وهو نظام فكري اشترك في بنائه مع نابليون وسنوبول قائم علي تعاليم ميجور .. يعمل بمثابة وزارة الإعلام في المجتمعات المقهورة.

مينيميس:
هو شاعر، ولسان نابليون .. فاسد ... حيث وصل لتحريم أغنية "وحوش انجلترا" التي كانت تلهب مشاعر الحيوانات ضد مستر جونز .. وضعه أورويل ليمثل به أبواق ستالين. ويمثل لنا أبواق النظام البائد.

مجموعه الخراف:
يستخدمهم نابليون كحشود تأييد وأصوات مساندة .. فهم كالأرقام التي يتلاعب بها.


أحمد سمير متولي
طالب بكلية الآداب – قسم الدراسات المسرحية
0103687520
sameroz@yahoo.com